الخميس، 23 فبراير 2012

في الرحيل . .

القت بي هناك !
دون ان تعطيني اشارة حتى ..
او تقول لي , انا اترك لك مفاجئة .. لم تقل أي شيء ..
لم تساومني على مصيري , ولم تترك لي خيار ..
فقط القت بي هناك !!
حتى وان لم يكن ذالك بإرادتها , فأنا مَلِِِكُ الخيال حيث تسبقني البديهة الى ما بعد المستقبل ..
حدسٌ يصيب .. وآخر يُصيبُ ايضا !! اقرأ تفاصيل اللاشيء وأفعل به ما آشآء . .
اقلّبه يمينا وشمالا , وآرفعه مرتين واتحقق من عدميته , ثم اضعه جانباَ !.. واهتم بباقي التفاصيل الدقيقة ..
المملة احيانا ! ارى فيها بعدآ جماليا وتَتَطابقُ فيه المُتناقضات ..
عندما تتلاشى آخر ظنوني , وتضمحلُّ كل اسباب الرفض . .
يبقى السؤال ها هنا . ؟ !
كيف امكنها فعل ذلك!؟ , وهي تعلَمُ اني بنيتُ الكثير من الاحلام على امتعتها ،
بحيث اقتل بذلك كل اسباب الرحيل !!
لكنها استطاعت فعل كل شيء , الا امرً واحدً !
لقد نسيت ان تنسى مكان وجود الأمتعة , وعندما هم بها الرحيل , انتزعت كل امتعتها ..
نعم , امكنها ذلك !!
ومضت في طريق اخترته لها من غير قصد ..
مضت حيث كنت اخشى ..
مضت دون ان تقاوم ظنونها , فخشيت ان تلحظ انفاسي الحرّى ..
فتعود مرة اخرى , وتضع امتعتها على ما تبقى من انقاض احلامي المتناثرة .. لتهدمها من جديد ..
لم اكن اخشى الكثير وانا اسألها الرحيل , كل ما رأيته هو مصير انسان مرهون بالابتعاد عني  !!!
القيت بنفسي في ذاك الركن المظلم , ومع كل تلك الظنون المتلعثمة والتي تقف حائرة على شرفات مخيلتي كلّما هممت بالاجابه . . .
ففي الرحيل , لا يمكنك ان تقول كل اسباب الرحيل ..

أنا أحلم ..



أنا احلم .. نعم أنا كذلك !
أنا الآن أغط في سباتي العميق أسافر أميالي واقطع كل حدود الممنوع
أسافر عبر الممكن إلى المستحيل ..
 واطرق كل أبواب المعقول والمنطق . .
أنا الآن ابني بيتا لِ ابني الأصغر في حيفا .. لطالما حلم بامتلاك منزلا مستقلا عنّا منذ انتقلنا إلى العيش في حيفا في عام 2021 . . وذلك أن عملي تغيّرت ظروفه وبات الموردون يعانون من بعد المسافة بين جنين وحيفا . . وساعدني امتلاكي لبعض الدونمات هناك أن أكمل مشاريعي بسلاسة ودون عناء . .
اشتاق للبلد الذي نشأت به وترعرعت ولكنني اكره ذكريات الاحتلال الصهيوني آنذاك . ..
وكلما تذكرت مدى شوقي وشغفي للقدس وعكا وحيفا ويافا ومثيلاتها من البلاد التي سيطر عليها الاحتلال والتي كان من المستحيل زيارتها حتى ! , ونظرت إلى واقعي اليوم وكيف أنا الآن اسكن حيفا وأتنقل بين شوارعها فإنني اشعر بالأمان , يؤسفني حقا أن هذا الجيل لم يعش نكباتنا في ظل ذاك الاحتلال , ولا يحمد الله كثيرا . .  لكن لا بأس , فيوم ما سوف لن يبقى مُثلائي ها هنا وستذهب كل تلك الذكريات معهم إلى حياة أخرى !!
منذ أن قامت دولة فلسطين على كامل حدودها , وعودة ما تبقّى من قطعان المستوطنين الى سائر أنحاء أوروبا متفرقين بعد تلك الهزيمة النكراء وسقوط  دولتهم المزعومة في 27 حزيران 2013. . بدأت تتلاشى المتاعب شيئا فشيئا , وبدأنا نبني فلسطين منذ نقطة الصفر
واعدنا بناء المدن الفلسطينية بعد الدمار الذي لحق بها بعد الحرب , فحيفا لم تكن كذالك بعد الحرب لكننا أعدنا بنائها واعدناها كما كانت كسابق عهدها . .
لم اعد أتذكر شيئا واحدا , ولا يخطر في بالي أبدا غير هذه اللحظة .. ولكن هذا البلد بأسمائه الجديدة يبدو أكثر نضوجا , وأكثر رونقا !!
يعجبني شاطئ حيفا في ليلة صيف , ولكن ما أجمل شواطئ عكّا ويافا . .
لطالما قلت لنفسي وتساءلت عن مدى واقعية ما يحدث .. وهل من الممكن ان يتلاشى حلمي باحتلال آخر .. ربما لو لم أكن احلم لما قلت ذالك !!
ربما آن أوان واقعية محتومة , والبدء من نقطة صفر أخرى !! نقطة صفر أتمنى أن يصل إليها البعض قريبا ..



قد آن لكم أن تبأوا بتطبيق احلامكم على أرض الواقع ، وأن تقطعو تلك القدم التي تأخذكم إلى الوراء خشية من المجهول !!
الحلم لكم .. والارض لكم .. وأنتم ؟؟ هل تملكون انفسكم لتحصلوا على اشيائكم !!؟؟؟

ان المستحيل يسكن بلاد صغيرة جدا , وبلاده هؤلاء الذين يتلفظون باسمه أحيانا !!

عذراً وطني ..

وطني يا صاحب الجرح العميق , عذرا !
وطني يا صاحب الآهة الكبرى , عذرا !!
عذرا فصوتك غير مسموع , ربما سمعوك في المرة ال 47 , لكن لعل اغتصابك كان ممتعا لهم !
عذرا فأنت لا تكف عن الصراخ , فلربما تزعجهم !
عذرا فقد صرت عجوز في ال 68 من عمرها ! فلربما بات أنينك لا يؤثر في ضمائرهم
عذرا وطني العزيز  , عذرا فصرخاتك المتتالية لم تعد تقضُّ مضاجعهم
يملأون بطونهم بما لذ وطاب من طعام ابتاعوه بنقود الذل والمعونات التي يقتطعونها قبل وصولها إلى الذين أتت من اجلهم , عذرا عزيزي ... عذرا !!
عذرا فما عاد فينا منصتا ! ما عاد فينا منصفا ! ما عاد فينا نفسا ! ما عاد فينا من يرد لك الصدى .. أقول عذرا وأنا أتقيأ من قبح الإجابة ! وأنا أتنفس هواء الذل والمهانة مع كل صرخة تميل بي الدنيا الى من سمعوك قبلي , أتلفّت مسرعا نحوهم .. نحو قبور أو لربما نحو أسوار سجن مكتوب عليها 87 عام ويومان !!
هي أرقام عمرك , وسنوات سجن سينقضي جزء كبير منها داخل زنزانة متواطئة , وما يتبقى منها تحت التراب !!
عذرا وطني الحبيب , فكل الطرق التي استخدمتها آلت بالفشل الذريع !
أكنت تعتقد أن صراخ طفل قبل لفظ أنفاسه الأخيرة سوف يوقظهم !
أم صوت شابة في ال 17 من عمرها ينكّل بها وتلقى على جانب طريق فرعي ويعثر على جثتها عن طريق الصدفة بعد يومين أو ثلاثة !
أم أنين امرأة فقدت أبنائها وزوجها وأخويها وامرأة أخوها الأصغر  !!
عذرا فتلك الصورة لم تكن مفزعة كفاية ! أو لعل تلك الطفلة لم تكن ابنتك الصغرى !
وطني يا طائر في سماء حرية مصطنعة !  , أرجوك فلتعلي صوت أنينك أكثر أرجوك استخدم مضخمات الصوت إن أمكن ََ!!
اخرج عن طورك لو تقدر , اضرب في عرض الحائط كل ما تبقى من كرامتك , ولتناجيهم ما أمكن !
اصرخ في أعلى صوتك أرجوك لا تتوقف ,
قدّم لهم على كل مائدة جثثا أكثر !
قدّم خيبات لا تعد ولا تذكر
قدّم 10 أطفال آخرين  أو 20 إن أمكن  !
قف على قدميك المنهكتين وأيقظ منهم ما استطعت , اصرخ في كل زقاق وكل شارع وكل حي , اصرخ أكثر !
اقنعهم أن حياة بلا كرامة هي حياة لا أكثر  !